جراوس: المناهج التقليدية تثبط روح الإبداع مع مرور الزمن
أبوظبي: سلام أبوشهاب
شهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، محاضرة استضافها مجلس محمد بن زايد، في جامع الشيخ زايد الكبير، بأبوظبي، مساء أمس الأول الخميس، ألقاها البروفيسور جير جراوس، مستشار تربوي عالمي، بعنوان «إعادة تصور التعليم المبكر»، وحضرها عدد من الشيوخ، والوزراء، وكبار المسؤولين.
قال البروفيسور جير جراوس: «يسعدني ويشرفني أن اتحدت في مجلس محمد بن زايد عن موضوع التعليم المبكر»، مؤكداً أهمية دور اللعب كعامل محفز وشكل مبكر من أشكال الترفيه التعليمي الذي يجب توفيره للأطفال عبر مراحل الدراسة.
وأوضح أن المناهج التقليدية تثبط من روح الإبداع مع مرور الزمن، وبالتالي يجب الاهتمام بمراحل تطور الطفل حتى بلوغه مرحلة التعليم الجامعي، والتحاقه بسوق العمل منتقداً المسارات والهياكل التعليمية الخطية التي تسهم في تعزيز التعليم كمؤسسة أكثر منه كمسيرة ممتدة مدى الحياة، وأشار إلى أهمية دور اللعب في جميع المراحل التعليمية، منذ الولادة وحتى سن 99 سنة.
وقال إنه يمكننا عالمياً، تحسين تعليمنا وتدريسنا وتفكيرنا، لكن جماعياً، ويمكننا التفكير بشكل أفضل ونوسع الآفاق بشكل جماعي، وأن ندرك أن المتاحف وصالات العرض الفنية وتراثنا الثقافي جزء من تعليمنا، ويجب علينا أن نجعله إلزامياً لكل طفل في كل مجتمع، وأن يشعر بأن المتحف، وصالة العرض، والمكتبة، هي منزله، تعليمياً وثقافياً، كما نحتاج أن نفهم أن الصداقات أفضل من العلاقات العادية.
وأكد أن الآباء هم أهمّ المساعدين في رحلة تعلّم الطفل، ويجب عليهم العمل مع المدارس سوياً لمصلحة أطفالهم، كما يجب على المدارس أن تضع واجبات منزلية للعائلة حتى يتعلم الجميع معاً، وأن تكون مدارسنا أكثر من مجرد مدرسة، وتكون مملوكة لنا وللمجتمعات وأطفالها، عندئذ يمكننا إحداث فرق، خصوصاً في المدارس الابتدائية.
وأضاف أن أحد أسباب جمال جامع الشيخ زايد الكبير الماثل أمامنا، هو أن الأساسات كانت قوية، ونريد من الجيل القادم أن يبني، إن شئتم، مساجد أكبر، وأفضل، لأن هذا هو معنى الطموح.
واكد أن الأطفال لا يمكن أن يكونوا طموحين إلا إذا أتحنا لهم الفرصة لذلك، وشبابنا سيصبحون وسينمون ضمن الحدود التي نضعها لهم فقط، وبالتالي نحتاج للتفكير في الأساسات، مشيراً إلى أنه بدأ العمل في مجال التعلم خارج الفصول الدراسية، بما في ذلك في متاحف قد لا تضاهي اللوفر.
وقال إن الأطفال ليسوا طرودًا تُمرر من السنوات الأولى إلى المدرسة الابتدائية، ثم الثانوية، ثم إلى الجامعات، هم أشخاص ينمون ثم يدخلون إلى عالم العمل، ويصبحون أعضاء في المجتمع، ومساهمين في الاقتصاد، ويصبحون ذوي قيمة إذا سمحنا لهم بالنمو، بدلًا من تمريرهم من مرحلة إلى أخرى.
وأشار إلى أنه عمل في 63 دولة، وكان يسأل الأطفال لماذا تذهب إلى المدرسة؟ والإجابة في نحو 80% من الحالات هي لأنني مضطر إلى ذلك، مشيراً إلى أننا تقدمنا في مجتمعنا بشكل كبير، لكننا نعلّم أطفالنا بالطريقة نفسها، وأكد أن الأطفال الواثقين بأنفسهم، والذين يملكون الثقة الكافية لزيارة المتاحف والمعارض الفنية سيصبحون متعلمين أفضل.
وقال أجرينا دراسة على مستوى العالم شملت نحو 560,000 طفل، وهي مستقاة من ثماني دول، تركزت على خيارات الأطفال، ووجدنا أن جميع القوالب النمطية تتشكل في سن الرابعة، ولم يكن هناك أي تغيير في السلوك من سن 4 إلى 14 عاماً، ويتخذون القرارات بالطريقة نفسها تماماً، كما وجدنا عالمياً، في جميع البلدان أن الفتيات يخترن أنشطة أقل من فئتهن العمرية، والفتيات في سن التاسعة يخترن أنشطة للفتيات في سن السابعة، لذا هناك مشكلة تتعلق بالثقة بالنفس.
وقال منذ سنوات عدة، اخترعت شيئا يسمى جامعة الأطفال، والتي كانت تركز على الأطفال، وعملنا مع المتاحف، والمكتبات، والمعارض، والمزارع، وحدائق الحيوان، والأندية الرياضية، وغيرها، وشجعنا الأطفال وعائلاتهم على الزيارة خارج ساعات المدرسة، وعندما أجرينا البحث مع جامعة كامبريدج، وجدنا أن الأطفال وعائلاتهم الذين تطوعوا للتعلم خارج الفصل الدراسي، أصبحوا يتعلمون أفضل.
وأكد أهمية التركيز على الشباب، وجعلهم مواطنين أكفاء، ومنتجين، مشيراً إلى أن كل طفل يتخّذ شخصاً ما قدوة، وبالتالي علينا أن نكون قدوة حقيقيين.
وقال أريد أن يكون أطفالنا قادرين على التعامل مع الأمور غير المتوقعة في مناطق الحياة الصعبة، مهما كان ما يواجههم، أريدهم أن يكونوا واثقين جداً، بحيث لا يهربون، يمكننا القيام بذلك بشكل استباقي، هذا ما يجلبه التعليم الجيد، الثقة، والمهارات، والمؤهلات.
وأضاف أريد أن يكون أطفالنا لطفاء، ويدركوا مدى أهمية اللطف في عالم لا يبدو لطيفاً في بعض الأحيان، وعليهم تجنب الأشخاص السلبيين قدر المستطاع.
وأكد في معرض رده على بعض الأسئلة، أن التجربة تعطي هدفاً وفهماً، وأن أطفالنا أذكى بكثير مما نظن، مؤكداً أهمية أن يكون هناك رابط بين العائلات والتعلم وزيارة تراثنا الثقافي والثقة التي يكتسبها الأطفال.
مشاريع مبتكرة
عُرض في بداية المحاضرة التي قدمتها مريم الحلامي، مستشارة تربوية في دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي، فيديو يعرض عدداً من المشاريع التعليمية المبتكرة في الإمارات، مع التركيز على أسلوب التعليم من خلال التجربة، وإشراك المجتمع، كما سلط الضوء على دور التجربة العملية في إثراء تعليم الطفل وتنمية مهاراته العملية، ويهدف إلى حث القائمين على التعليم على تبنّي تلك الممارسات والارتقاء بالواقع التعليمي في الإمارات.
المحاضر في سطور
البروفيسور جير جراوس، هو أول مدير عالمي للتعليم في كيدزانيا، والمؤسس والرئيس التنفيذي لجامعة الأطفال، نال وسام الإمبراطورية البريطانية تقديرا لدوره في مجال تعليم الأطفال، ومنحه المنتدى الاقتصادي العالمي للمرأة لقب «قائد مبدع في خلق عالم أفضل للجميع»، ويتبنّى قضية الإبداع والتقدم والمساواة والابتكار في تعلّم الأطفال.