أسرار رحلة «عزلة بايدن».. وتفاصيل «لحظات جنونية» على متن الطائرة الرئاسية
إعداد: محمد كمال
في الوقت الذي عاد فيه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لممارسة مهامة بعد فترة عزل أعقبت الإعلان عن إصابته للمرة الثالثة بفيروس «كوفيد 19»، فقد تكشفت تفاصيل جنونية جرت على متن طائرة الرئاسة التي أقلت بايدن من لاس فيغاس، إلى ريهوبوث بيتش، في ولاية ديلاوير.
وكشفت إميلي جودين، كبيرة المراسلين السياسيين الأمريكيين التي كانت على متن طائرة الرئاسة، أن وجه الرئيس بايدن كان شاحباً جداً، وبعد أن ركب طائرة الرئاسة حلقت بسرعة كبيرة جداً غير معتادة، واصفة ما جرى بأنه كان «اندفاعاً مجنوناً»، لإيصال بايدن إلى عزلة، ما أثار قلقاً كبيراً على متن الطائرة حول سلامة الرئيس.
- تعثر المضيفات
وتضيف إميلي في تقرير لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أن «طائرة الرئاسة حلقت بسرعة كبيرة لدرجة أنها ارتجفت في مقعدها».
وتقول المراسلة الرئاسية: «قبل أقل من 30 دقيقة، تلقيت، أنا وزملائي في السلك الصحفي بالبيت الأبيض، خبراً – قبل بقية العالم مباشرة – يفيد بأن الرئيس بايدن قد تم تشخيص إصابته بفيروس كورونا. ثم انضممنا إليه في رحلة للعودة من لاس فيغاس إلى ديلاوير».
وتستطرد صحفية البيت الأبيض أنه «بعد لحظات من ربط حزام الأمان، عادت المحركات الضخمة للطائرة الرئاسية من طراز بوينغ 747، إلى الدوران. ثم رأيت المضيفات يتعثرن بزيهنّ الأزرق في الممرات عندما كانت مقدمة الطائرة تتجه إلى السماء».
وأضافت: «اهتزت الطاولات، ورفع الصحفيون أكواب المياه الخاصة بهم حتى لا تنسكب. لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أننا لم يكن لدينا أي فكرة عما يحدث».
وتقول إميلي جودين: «لأسباب أمنية، لا توجد شبكة Wi-Fi على متن الطائرة الرئاسية، لذلك انقطعنا عن العالم الخارجي»، وتقول: «يسافر الطبيب دائماً مع الرئيس، لكن لم ترد أي أخبار عن نوع الرعاية التي كان يتلقاها، أو مدى مرضه».
وتؤكد الصحفية المخضرمة: «طلبنا مرتين من السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، التي كانت أيضاً على متن الطائرة، أن تقدم لنا تحديثاً عن حالة بايدن. لكن تم رفض طلبنا مرتين».
وتشير الصحفية إلى أنه تقرر عدم ظهور الرئيس بايدن علناً، مرة أخرى لمدة أسبوع تقريباً. وبعد أقل من أربعة أيام، ستنتهي مسيرته السياسية التي دامت 52 عاماً نهاية دراماتيكية، في إشارة إلى انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية.
- ما قبل «كوفيد»
وتكشف الصحفية الرئاسية: «في يوم الاثنين 15 يوليو/ تموز، وعلى الرغم من الدعوات المتصاعدة من داخل الحزب الديمقراطي للرئيس للانسحاب من سباق 2024، بدا أنه في مزاج مرِح، عندما وصل بعد الظهر إلى قاعدة أندروز المشتركة، خارج واشنطن العاصمة». وتضيف: «كنت أقف مع تجمع الصحفيين – مراسلون من أكثر من اثنتي عشرة مؤسسة إعلامية – في انتظاره على المدرج. وعندما نزل من طائرته المروحية، لوحت له وأشرت إليه أن يأتي ليجيب على أسئلتنا. ولدهشتي، فعل ذلك».
وتشير إلى أن هذه «كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها إلينا منذ محاولة اغتيال دونالد ترامب، قبل يومين.. وسألني بايدن: ما هو سؤالك؟.. فقلت له: هل تثق بتفاصيل الخدمة السرية الخاصة بك؟.. وأجاب: «نعم، أفعل». وعندما سأله صحفي آخر عن نائب ترامب جي دي فانس، قال بايدن إنه «استنساخ لترامب».
وبعد ذلك، غادر على متن طائرة الرئاسة في رحلة إلى فيغاس، حيث كان من المقرر أن يلقي كلمة أمام المؤتمر الوطني السنوي للحقوق المدنية.
وتضيف: «في اليوم التالي (الثلاثاء)، ألقى خطابه، وقال أنصاره إن هذا هو نوع الحدث الذي أثبت قدرته على القتال والفوز على ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني. ولكن بحلول ظهر الأربعاء، كانت القصة مختلفة تماماً. حيث تأخر الرئيس عن الموعد المحدد بنحو ساعة. ولم يكن هذا غير عادي فهو يتأخر عادة، وفي النهاية، غادر فندق والدورف أستوريا، حيث كان يقيم، وركب سيارته الليموزين المدرعة في مرآب تحت الأرض وبعيداً عن أنظار المراسلين».
- الخدمة السرية تحجبه
وتقول إميلي: «انضمت الشاحنات التي تقل الصحفيين إلى موكب الرئيس الذي يضم أكثر من 20 سيارة، ووصلنا إلى مطعم ليندو ميتشواكان، وهو مطعم مكسيكي شهير في وسط مدينة فيغاس. نظرت إلى ساعتي، وكانت الساعة 1.09 مساء، بالتوقيت المحلي. ثم تم إدخالنا قبل الرئيس لالتقاط وصوله. وقيل لنا إن بايدن سيدخل عبر المطبخ. كان المصورون مستعدين يريدون التقاط صورة أنيقة للرئيس لحظة دخول من الباب، ولكن فجأة، غطت الخدمة السرية النافذة بمنشفة».
وتضيف: «صرخنا في وجه عملاء الخدمة السرية، لكنهم لم يستمعوا. لماذا أرادوا منع تلك اللقطة، بينما سيتم تصوير بايدن بعد لحظات في غرفة الطعام بغض النظر عن هذه اللقطة أصلاً».
وتكشف الصحفية: «عندما دخل أخيراً من الباب، كان مظهره صادماً. بدا شاحباً، وضعيفاً، ومرهقاً، ويتحرك ببطء عبر الغرفة»، وتمتم أحد المراسلين: «إنه يبدو سيئاً».
ثم استقبل بايدن الزبائن، وصافح العائلات على ثلاث طاولات مختلفة، والتقط صور سيلفي. ثم جلس في أحد الأكشاك وتحدث مع عدد قليل من العملاء.
وتضيف أن الصحفيين استشعروا وجود فرصة للأسئلة، فصاح أحدهم بأسئلة حول النائب عن ولاية كاليفورنيا، آدم شيف، الحليف المقرب من رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، وآخر ديمقراطي يدعو بايدن إلى الخروج من السباق الرئاسي «لكن موظفي البيت الأبيض صرخوا علينا على الفور.. قبل أن يخرجونا من الغرفة، لنعود إلى شاحنتنا في ساحة انتظار السيارات».
وتقول إميلي: «كنا نجلس هناك بينما يجري بايدن مقابلة إذاعية من المقرر أن تستغرق نحو 20 دقيقة. لكن مرت 90 دقيقة، سألنا مراراً وتكراراً عن التأخير – ولكن لم نتلق أي رد». وتؤكد: «إن هذا النقص في التواصل بالتحديد هو الذي يولد الشكوك بين المراسلين، فضلاً عن المؤامرات الجامحة حول صحة الرئيس على وسائل التواصل الاجتماعي وأماكن أخرى».
وتشير إلى أنه «أخيراً، حصل أحد الزملاء على معلومات سرية. إذ تم إلغاء الحدث المقرر التالي للرئيس، وصرخ قائلاً: بايدن مصاب بفيروس كورونا».
وتوضح أنه بعد «لحظات، تمكنّا من رؤية كارين جان بيير، وغيرها من كبار موظفي بايدن يتجمعون في شاحناتهم. لكن الرئيس كان محمياً تحت خيمة عملاقة، وهو بروتوكول عادي، ما يعني أننا لم نتمكن من إلقاء نظرة خاطفة على الرئيس المريض. ثم بدأ الموكب بالتحرك، ولم يتم إخبارنا بالوجهة التي سنذهب إليها، ولكن لم يكن هناك سوى وجهة واحدة محتملة: المطار».
وتضيف: «عندما وصلنا إلى مطار هاري ريد الدولي، اندفعنا جميعاً للخروج من الشاحنة، وركضنا للاقتراب من طائرة الرئاسة. وأوقفتنا الخدمة السرية عندما خرج بايدن من السيارة، وشكّل ستة موظفين وعملاء دائرة حوله، ثم رفع الرئيس إبهامه كإشارة على أنه بحالة جيدة. ولكن بينما كان يسير ببطء نحو الطائرة، عرفنا أن الأمر لم يكن كذلك».
وتضيف: «صعد الرئيس السلم القصير، وهو عبارة عن سلالم مدمجة بالقرب من مقدمة الطائرة، والتي كان يستخدمها بدلاً من الدرج التقليدي الأطول منذ أكثر من عام. وبمجرد صعوده على متن الطائرة، هرعنا للعثور على مقاعدنا في الجزء الخلفي من الطائرة. ومنذ اللحظة التي خرجنا فيها من المدرج، بدأ جسم الطائرة يهتز».
وتقول ربما كان الرئيس ترامب يطلب من طاقم الطائرة تقليل أوقات الرحلة من خلال التحرك بشكل أسرع. لكن هذه السرعة الفائقة كانت غير عادية بالنسبة للرئيس بايدن».
وتكشف: «ارتجفت طاولاتنا أثناء تقديم العشاء. انزلقت أكواب الماء حولها. واصطدمت الحقائب المخبأة تحت المقاعد بأرجل الناس. شعرت جسدياً بسرعة الطائرة ونحن نندفع في الهواء، ما دفعني إلى الخلف. شعرت بالغثيان».
وتؤكد: «تستغرق الرحلة العادية من فيغاس إلى ديلاوير نحو أربع ساعات ونصف الساعة. لكن قطعنا الرحلة في ثلاث ساعات و48 دقيقة». و«كانت وجهتنا هي قاعدة دوفر الجوية، وهي أقرب مطار مناسب لمنزل بايدن في ريهوبوث».
- نظرة إلى الفضاء
وتقول الصحفية: «خرج الرئيس بعد انتظار، وكان لا يزال يبدو شاحبا وضعيفاً. تحرك بحذر شديد، ثم توقف ولوّح. وفي منتصف الطريق للأسفل، ولثوانٍ عدة، حدّق في الفضاء، حتى نقر أحد عملاء الخدمة السرية على كتفه بلطف. وبدا أن اللمسة أيقظته، فواصل النزول، وبدا غير مستقر لدرجة أنني كنت قلقة من احتمال سقوطه».
وفي ما يزيد قليلاً على 72 ساعة، أعلن الرئيس بعدها من منزله– في رسالة بسيطة على تويتر – أنه سينسحب من السباق الانتخابي لعام 2024.