سياسة اماراتية

«حلول مبتكرة».. ركود الترقيات وإحباط الموظفين يؤرق الشركات الكبرى



«حلول مبتكرة».. ركود الترقيات وإحباط الموظفين يؤرق الشركات الكبرى

إعداد: محمد كمال

كشف تقرير حديث عن انتشار حالة الإحباط والشعور بالضيق بين موظفي الشركات الكبرى في مختلف أنحاء العالم، وذلك نظراً لتباطؤ دورة العمل الداخلية، وعدم حصول عدد كبير من الموظفين على الترقيات المحتملة، طارحاً عدداً من الحلول التي تلجأ لها الشركات لتحريك المياه الراكدة.

وتنقل صحيفة وول ستريت جورنال عن عدد من الموظفين قولهم إنهم بالفعل يفكرون في تساؤلات حول احتمال «تبديل الوظيفة»، في ظل شعورهم بأنهم عالقون في أدوارهم لسنوات، وهو ما يلاحظه أصحاب الشركات، وبالتالي لجأوا إلى مجموعة من التكتيكات المحفزة، لمساعدة الموظفين على النمو ومواصلة العمل باجتهاد.

  • تكتيكات جديدة

وعلى سبيل المثال، فإن شركة الاستشارات العملاقة ماكينزي تعمل على زيادة حجم ميزانية التنقل للسماح للموظفين بتولي مشاريع في مدن جديدة، ولو لبضعة أشهر فقط، لمساعدتهم على النمو وظيفياً. كما تسمح شركات أخرى لبعض موظفيها بالتقدم لشغل وظائف مؤقتة في فرق أخرى.

وقال كيفن كونروي، الرئيس التنفيذي لشركة Exact Sciences، التي يقع مقرها في ماديسون الأمريكية،: «إن أفضل الناس يريدون تجارب جديدة. إنهم يريدون مسارًا وظيفيًا، ويريدون الترقية».

ووفقاً لبيانات من شركة الخدمات المهنية Aon، فقد انخفض معدل دوران العمل الطوعي داخل الشركات من 17% في عام 2022 إلى 12% حتى الآن هذا العام. كما أن ما تسميه الشركات «دوران العمل المؤسف» أي فقدان الموظفين الذين تفضل الاحتفاظ بهم – قد انخفض أيضًا مع بقاء المزيد من أصحاب الأداء العالي في مناصبهم.

وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة بشكل مطّرد في الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع إلى 4.1٪ في يونيو. وقد اختار بعض أصحاب العمل إبقاء الوظائف الشاغرة كما هي شاغرة، فيما انخفضت معدلات الترقية في جميع الفئات العمرية تقريبًا، وفقًا لبيانات من مزود خدمات الرواتب ADP.

ويقول المسؤولون التنفيذيون إن التحدي الذي يواجه الشركات هو كيفية إيجاد طرق لخلق فرص النمو حتى لو لم يعنِ ذلك زيادة كبيرة في الأجور أو تغييراً في المسمى الوظيفي. وفي عصر الكفاءة، غالبًا ما يتردد الرؤساء التنفيذيون في إضافة أدوار أو إنشاء طبقات إضافية من المديرين المتوسطين داخل الشركات. وبدلاً من ذلك، تركز العديد من الشركات بشكل أكبر على التدريب، ودفع المديرين إلى تقديم المزيد من التدريب للموظفين في اجتماعات فردية لدفعهم إلى الأمام.

ويوضح بروك ويدل، الشريك الأول في شركة ماكينزي وهو قائد في مجموعة أداء الموظفين أن «هناك تركيزاً أكبر بكثير حول الأساليب القائمة على المهارات: كيف يمكنك إنشاء مسارات أفضل، والمزيد من التنقل، والمزيد من التطوير»

  • تبادل الوظائف

وفي شركة سينكروني فاينانشال، التي تضم نحو 20 ألف موظف، تم تجريب تبديل الوظائف داخل مجموعة من الأقسام، بما في ذلك التكنولوجيا والائتمان والتمويل. ويمكن لموظف في دور واحد أن يتبادل الوظائف مع زميل له في مكان آخر لمدة لا تزيد على 90 يومًا إلى عام أو أكثر.

وقال دي جيه كاستو، كبير مسؤولي الموارد البشرية في سينكروني: «يساعد ذلك في التغلب على الاستنزاف الطبيعي للموظفين. فأنت تبني مجموعة مهارات وخبرات جديدة».

ومن بين هؤلاء الذين تبادلوا الأدوار مات ميننج، نائب الرئيس المساعد في شركة سينكروني ومقرها أتلانتا. ففي مايو/أيار، ترك منصبه في العمليات لفترة عمل مدتها ثلاثة أشهر في الهندسة كمسؤول عن ضمان جودة تكنولوجيا المعلومات، حيث ساعد فريقًا من المهندسين في اختبار أكواد البرامج واستكشاف المشكلات وإصلاحها. وانتقل موظف آخر مؤقتًا إلى وظيفته في العمليات، وسيعود ميننج إلى دوره السابق في أغسطس/آب.

ويشير ميننج إلى أنه عمل في الشركة لأكثر من 10 سنوات، وكان في منصبه لمدة عامين تقريبًا ورأى في تبادل الوظائف وسيلة لبناء مهارات جديدة. وأضاف الرجل البالغ من العمر 46 عامًا: «لقد وصلت إلى نقطة حيث أريد أن أبدأ في النظر إلى الخطوة التالية، والمستوى التالي داخل شركتنا.. أنا أتعلم كل يوم».

واكتشف رئيس قسم الموارد البشرية كاستو أنه في فترات انخفاض معدل دوران العمالة، قد لا يرغب بعض الموظفين في الحصول على منصب جديد، لكنهم لا يريدون الشعور بأنهم محاصرون في أدوارهم الحالية.

ويشير إلى أن الشعور بأن الموظف محاصر في دور ما يوضح أن الموظفين «يريدون القدرة على التفكير في القيام بشيء جديد تمامًا وتمكينهم من القيام بما هو أفضل لهم.

وأكد بوب ستيرنفلز، الشريك الإداري العالمي لشركة الاستشارات، إن «ماكينزي» زادت ميزانية التنقل للسماح للأشخاص بتولي مشاريع في مدن جديدة، بهدف تسهيل اكتساب الخبرات الإضافية وصقل المهارات واتساع الرؤية. ويؤكد: «إذا كنت قد عملت في بلدين أو ثلاثة بلدان، فإن لديك منظورًا مختلفًا تمامًا عما إذا كنت قد عملت في بلد واحد فقط».

ويؤكد التقرير أن تجاهل الشركات لطموحات العاملين يشكل خطأً فادحاً، كما يقول المسؤولون المخضرمون في مجال الموارد البشرية، لأن الموظفين الموهوبين يحتفظون بالخيارات المتاحة لهم. ويقول بوب توهي، كبير مسؤولي الموارد البشرية في شركة تأمين: «لقد رأينا جميعًا السوق يتقدم ويتراجع، وعندما يعود، سيستقيل الجميع».

  • التوظيف الداخلي

ومع تباطؤ التوظيف في شركة Allstate، طلب توهي من مسؤولي التوظيف في الشركة تركيز جهودهم داخليًا، إذ يقوم بإعداد محادثات لمدة 20 دقيقة إلى ساعة مع الموظفين في جميع أنحاء الشركة، ويسألونهم عما يرغبون في القيام به في المستقبل وكيف يفكرون في حياتهم المهنية، وفي البداية، شعر بعض الموظفين بالخوف من تلك المكالمات، متسائلين عما يريده قسم الموارد البشرية. وأضاف توهي: «عندما تتلقى مكالمة من مسؤول توظيف داخليًا، تبدأ في القول، هل أفقد وظيفتي؟».

وبدلاً من ذلك، كان للمحادثات تأثير في إظهار اهتمام الشركة بالموظفين. وعندما تصبح الوظائف شاغرة، تعطي الشركة الأولوية لملئها بالموظفين الحاليين. وقد شغلت الشركة هذا العام 60% من وظائفها داخليًا، ارتفاعًا من 45% العام الماضي. وقال توهي: «هذا يخلق الحركة الداخلية. نستخدم مسؤولي التوظيف لدينا ككشافين للمواهب».

ولا يحتاج المديرون في هذه الشركة إلى الموافقة على تولي موظف دورًا جديدًا، وهو القيد الذي يمكن أن يمنعه من خوض تجارب جديدة وقد تم إزالته في عام 2022.

وأضاف توهي:«نريد من الناس أن يفكروا في حياتهم المهنية سواء كانت تتحرك يسارًا أو يمينًا أو أعلى. أعتقد أننا يجب أن نبتعد عن مجرد: «أنا أتقدم إلى كيف أتقدم؟».



المصدر