تصاعد التوترات مع قصف طائرات إسرائيلية لمدينة الحديدة باليمن بعد هجوم تل أبيب
قصفت طائرات حربية إسرائيلية ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن، اليوم السبت، بعد يوم من هجوم بطائرة بدون طيار نفذه الحوثيون على تل أبيب، بحسب بيانات من الجانبين.
وتُعد الغارات الجوية، التي أسفرت عن اندلاع حريق كبير وتصاعد أعمدة من الدخان الأسود، المرة الأولى التي تعلن فيها إسرائيل مسؤوليتها عن هجوم في اليمن، على بعد حوالي 1800 كيلومتر (1100 ميل).
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في أعقاب غارات الحديدة: “دماء المواطنين الإسرائيليين لها ثمن”، مشيرًا إلى أن المزيد من العمليات ضد الحوثيين المدعومين من إيران ستتبع “إذا تجرأوا على مهاجمتنا”. وأضاف: “إن النار المشتعلة حاليًا في الحديدة تُرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط والمعنى واضح”.
وفي أعقاب غارة طائرة بدون طيار يوم الجمعة في تل أبيب، والتي أسفرت عن مقتل مدني، تعهد جالانت بالانتقام من الحوثيين، الذين يسيطرون على أجزاء كبيرة من اليمن، بما في ذلك جزء كبير من ساحلها على البحر الأحمر.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته الحربية استهدفت “أهدافا عسكرية للنظام الإرهابي الحوثي” في الحديدة ردا على هجوم الطائرة بدون طيار. ووصف بيان عسكري رسمي الأهداف بأنها أصول عسكرية للنظام الحوثي، وربط الضربات بمئات الهجمات الأخيرة ضد إسرائيل.
وكانت جماعة الحوثي قد أعلنت في وقت سابق مسؤوليتها عن هجمات على مدن إسرائيلية مثل أشدود وحيفا وإيلات، لكن هجوم يوم الجمعة على تل أبيب يبدو أنه الأول الذي يخترق الدفاعات الجوية الإسرائيلية.
واستنكر محمد عبد السلام، أحد كبار المسؤولين الحوثيين، الهجوم الإسرائيلي ووصفه بأنه “عدوان إسرائيلي وحشي على اليمن”. وزعم أن الضربات استهدفت “منشآت تخزين الوقود ومحطة كهرباء” في الحديدة في محاولة للضغط على اليمن لوقف دعمه للفلسطينيين في حرب غزة.
أعربت مصر عن قلقها العميق إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في اليمن، محذرة من أن هذه التصرفات تؤدي إلى تصعيد التوترات على جبهات متعددة، وذلك في بيان صدر اليوم السبت عن وزارة الخارجية المصرية.
وأكدت مصر على ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي، محذرة من أن التطورات الجارية في قطاع غزة قد تؤدي إلى تصعيد الصراع على نطاق أوسع.
وأفادت وزارة الصحة التي يديرها الحوثيون بوقوع قتلى وجرحى نتيجة للضربات، لكنها لم تقدم أرقاما محددة. وبثت قناة المسيرة التي يسيطر عليها الحوثيون لقطات لحريق هائل على الواجهة البحرية، مع تصاعد عمود كبير من الدخان الأسود إلى السماء. وقالت الوزارة إن عدة أشخاص أصيبوا “بحروق خطيرة”.
ونتيجة للغارات الجوية، أُغلقت محطات الوقود في مدينة الحديدة الساحلية. ويُعَد الميناء مركزًا حيويًا للواردات والإغاثة الدولية لملايين اليمنيين المحتاجين بعد أكثر من عقد من الحرب.
وواجهت الحديدة ضربات عديدة من بريطانيا والولايات المتحدة منذ يناير/كانون الثاني، ردا على هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر. ويزعم الحوثيون أن هذه الهجمات تستهدف سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل دعما للفلسطينيين في حرب غزة، وهاجموا ما لا يقل عن 88 سفينة تجارية منذ نوفمبر/تشرين الثاني.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا إلى “أقصى درجات ضبط النفس” بعد هجوم الطائرة بدون طيار في تل أبيب لتجنب المزيد من التصعيد في المنطقة. لكن عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي سارع إلى التهديد بالرد على ضربات الحديدة، قائلاً: “الكيان الصهيوني سيدفع ثمن استهداف المنشآت المدنية، وسنقابل التصعيد بالتصعيد”.
ظل ميناء الحديدة، نقطة دخول حيوية للواردات والمساعدات الدولية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، دون أي مساس إلى حد كبير طوال الصراع المستمر منذ عقد من الزمان بين المتمردين والحكومة المعترف بها دوليا والتي تدعمها المملكة العربية السعودية المجاورة.
وقال محمد الباشا، المحلل البارز في شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي ومقرها الولايات المتحدة، إن “التجار يخشون الآن أن يؤدي هذا إلى تفاقم الوضع الأمني الغذائي والإنساني الحرج بالفعل في شمال اليمن، حيث تمر غالبية التجارة عبر هذا الميناء”. وأضاف أن الضربات الإسرائيلية “من المرجح أن ينظر إليها العديد من اليمنيين على أنها هجوم على وطنهم، وهو ما قد يعزز تجنيد الحوثيين وتمويلهم”.